صراع الصفقات الجديدة وضم اللاعبين، يشتعل كل موسمٍ بين العديد من الأندية الكبرى محليًا وعالميًا، لطبيعة لعبة كرة القدم التي تتسم بالتنافسية الشديدة بين الجميع، داخل الملعب وخارجه.

اللاعبون يتنافسون فيما بينهم داخل المستطيل الأخضر، لإقناع المدرب بقدراتهم وأحقيتهم في المشاركة الأساسية، والإدارات أيضا تصارع بعضها بعضًا، ولكن بطريقة أخرى، تتحدد وفقًا لعوامل كثيرة، أهمها احتياجات الفريق الفعلية، ومطالب الجماهير بالتعبير عن رغبتها في التعاقد مع لاعب أو الاستغناء عن آخر.

ويمثل موسم الانتقالات الصيفي تحديدًا لا سيما الشتوي، صداعًا مزمنا في رأس مجالس إدارات الأندية، التي تسعى لحسم التعاقد مع اللاعبين الأفضل والأقوى والأمهر من الذين سيحدثون تطويرًا في أداء الفريق، وسيسهمون في تحقيق مزيدًا من الألقاب والبطولات والإنجازات، بأهدافهم أو تمريراتهم الحاسمة.

ويبرز من هنا، رغبة مرتضى منصور، رئيس مجلس إدارة الزمالك في ضم أفضل لاعبي الدوري المحلي سواء الأفارقة أو المصريين، باعتباره الرجل الأول وصاحب القرار في نادٍ جماهيري كبير يمتلك شعبية جارفة سواءً على الصعيد المحلي أو القاري أو العربي.

وتعد مفاوضات الزمالك، مع إبراهيم حسن، صانع ألعاب الإسماعيلي، هي الأشهر حاليًا، لرغبة مرتضى الشديدة في ضمه، وأيضًا لتمسك مجلس إدارة الدراويش باللاعب الأفضل في صفوفه، وفقًا لما حققه في الموسم الماضي، إذ استطاع تسجيل 5 أهداف والمساهمة في 10 آخرين.

تمسك الدراويش، باللاعب، جعل مرتضى ينتفض بتصريح قوي، قائلًا: "لا يوجد مدينة تحترق لأجل لاعب"، في إشارةٍ منه إلى أن رفض الإسماعيلي ليس له مبررات، وأن الجماهير لن تغضب لرحيل إبراهيم حسن إلى الزمالك.

وبالنظر إلى الأدلة والقرائن، يتضح أن الحقيقة تأتي على عكس ما يرمي إليه رئيس الزمالك، فالمدينة احترقت سابقًا لأجل لاعب سطع نجمه ولمع مع الإسماعيلي، وانتفض الأهالي للمحافظة على نجمهم الذي لطالما تألق بالقميص الأصفر.

حسنى عبدربه، لاعب الارتكاز بالإسماعيلي، ابن قرية أبوصوير، الذي تألق وسطع بريقه في كأس العالم للشباب عام 2003 في الإمارات، حينما استطاع اللاعب المشهور بالقيصر، في هذه البطولة جذب الكثير من أنظار الأندية الأوروبية له منها يوفنتوس الإيطالي، وطرابزون سبور التركي، وأرسنال الإنجليزي، وفرق أخرى صغيرة مثل نانت وستراسبورغ في فرنسا، لكن الإسماعيلي رفض التخلي عنه لأهميته.

لم ييأس عبدربه، وبالفعل انتقل إلى ستراسبورغ بعدما وقع على عقد لمدة 5 مواسم، ورحل إليه في عام 2005، واستُدعي لقائمة المنتخب المشاركة في أمم إفريقيا 2006 بمصر، إلا أن الإصابة حرمته من ذلك، لكنه عاد ليعزف على أوتار القارة السمراء أجمل مقطوعةٍ موسيقية في "كان" 2008، التي استضافتها غانا.

عاد حسني عبدربه، من غانا، حائزًا على جائزة أفضل لاعب في بطولة الأمم الإفريقية، ليشتعل صراعا جديدا في مصر، بين النادي الأهلي ومحافظة الإسماعيلية، لا سيما قرية أبوصوير، التي شنت هجومًا عنيفًا على اللاعب وأسرته، وصل لقصف منزل عائلته الذي يقيم فيه بالحجارة، بعد إعلان الأهلي رسميًا، عن حصوله على توقيع القيصر لمدة خمسة مواسم.

لم يقتصر غضب الجماهير العاشقة للإسماعيلي، على هذا فقط، بل تصاعد إلى أن وصل إلى أنهم حملوا كفن اللاعب في رسالة شديدة المعنى وبالغة الخطورة، لإجباره على التراجع عن الانتقال إلى الأهلي، خاصةً في ظل مجده بعد انتهاء البطولة الإفريقية.

الأزمة جعلت عبدربه، يتودد لعاشقي الإسماعيلي، عبر رسالة طالبهم فيها بالموافقة على الرحيل إلى الأهلي من أجل تأمين مستقبله، لكن الجماهير رفضت ذلك، وواصلت ضغطها عليه حتى انصاع القيصر ورضخ في نهاية الأمر بالاستمرار مع الدراويش.

وكل ذلك، دليلًا قاطعًا، على أن حديث رئيس الزمالك، مجرد من الحقيقة الدقيقة، ويثبت أن المدينة من الممكن أن تحترق لأجل لاعب، بل ربما تصل إلى رسالات تحمل التهديد والوعيد الذي ينذر بكوارث محتملة الحدوث.